لماذا يُعدّ الموظف غير المكتبي الاختبار الأهم لنجاح الاتصالات الداخلية
- Hello Advertising Agency | HSC

- 19 نوفمبر
- 3 دقيقة قراءة

المقدمة
داخل أي جهة تسعى لقياس وتحسين جودة اتصالاتها الداخلية، هناك سؤال واحد يكشف الحقيقة كاملة: هل تصل رسائلك إلى الموظف البعيد عن المكتب؟
الموظف الميداني، العامل على الأرض، صاحب الدوام المرن، من يعمل من المنزل أو من فرع بعيد - هؤلاء هم الاختبار الحقيقي. إذا نجحت في الوصول إليهم بوضوح وفعالية، فأنت نجحت مع الجميع. وإذا فشلت معهم، فلا يهم كم تبدو الاتصالات مصقولة في المقر الرئيسي.
كثير من الجهات تُركّز جهودها في التواصل الداخلي على من يتواجدون في المكاتب الرئيسية.
هناك حيث تُعقد الاجتماعات، وتُعلّق اللافتات، وتُوزّع النشرات، ويسهل جمع الفِرَق في قاعة واحدة. لكن الموظفين البعيدين، الذين يمثلون في كثير من القطاعات الأغلبية الفعلية، غالبًا ما يعانون من فجوة حقيقية في الوصول إلى الرسالة.
الأرقام لا ترحم. يُظهر تقرير 2025 International Employee Communication Impact Study أن أقل من 9% فقط من الموظفين غير المكتبيين يشعرون برضا كبير عن جودة التواصل داخل مؤسساتهم. هذا مؤشر إحصائي، لكنه مؤشر تحذيري على تصدّع عميق في البنية التواصلية للجهة.
التفاوت في جودة الاتصال يبقى حبيس قنوات التواصل الموجودة ويمتد ليؤثر على الثقافة المؤسسية، معنويات الموظفين، ويضع استدامة المبادرات الاستراتيجية في خطر حقيقي.
حين يفقد الموظف الشعور بأنه مُطّلع أو مسموع، تتآكل الثقة تدريجيًا، ويُصبح الانخراط هشًّا وسطحيًا.
الأخطر من ذلك؟ يقول التقرير نفسه إن 63% من الموظفين الذين ينوون ترك مناصبهم ذكروا ضعف الاتصال كعامل مؤثر في قرارهم.
فلنتوقف هنا قليلاً. المشاكل التنظيمية قد تكون مفهومة، التحديات التنافسية قد تكون مبررة، لكن الشعور بأن صوتك لا يُسمع أو أن التوجيهات لا تصلك بوضوح، هذا الشعور قد يكون القشة الأخيرة التي تكسر ظهر الالتزام والانتماء.
المشكلة ليست في نقص الرغبة أو النيّة.
أغلب فرق الاتصالات تدرك أهمية شمولية الرسالة. لكن الفشل يحدث عادة لأن أحد أضلاع المثلث مفقود، أو لأن الأضلاع الثلاثة لا تعمل بتناغم.
المثلث الذي تقوم عليه الاتصالات الداخلية الناجحة يتكون من:
1. الاستراتيجية الواضحة
بدون استراتيجية محكمة، تتحول الاتصالات إلى ضجيج عشوائي. من هم المستهدفون بالضبط؟ ما الرسائل التي يحتاجون إليها وليس التي نريد نحن إرسالها؟ متى يحتاجونها؟ وبأي شكل؟ و ما هي القيمة التي تتولد من هذا التواصل.
الموظف البعيد يجبرك على الإجابة بدقة على هذه الأسئلة، لأنه لن يصله شيء "بالصدفة" كما يحدث في المكتب.
2. التكنولوجيا الذكية
لا يكفي أن ترسل بريدًا إلكترونيًا أو نشرة دورية. الموظف يحتاج منصات تفاعلية، تطبيقات تتيح حوارًا ثنائي الاتجاه، أدوات تمكّنه من الوصول للمعلومة في أي وقت ومن أي مكان، و تمكن الجهة من قياس التفاعل والفهم والتطبيق.
التكنولوجيا هي الجسر الوحيد الذي يربط الموظف بقلب المؤسسة. لكن وجودها لا يعني النجاح التلقائي، يجب أن تكون هذه الأدوات مُصممة بذكاء، سهلة الاستخدام، و ملائمة لواقع عمل الموظف، وقادرة على توليد القيمة الاستراتيجية لدعم القرار.
3. الحوكمة القوية
هنا يقع الخلل الأكبر في أغلب المؤسسات. التكنولوجيا موجودة، والاستراتيجية ربما مكتوبة، لكن من يدير العملية؟ من يضمن أن المحتوى دقيق، آمن، وموزّع بذكاء؟
الحوكمة تعني:
حوكمة المحتوى: من يُنتج؟ من يراجع؟ ما المعايير؟
آليات التدقيق: كيف نتأكد أن الرسالة صحيحة وواضحة؟
الأمن السيبراني: كيف نحمي المعلومات الحساسة؟
الجدولة الذكية: متى نُرسل؟ وكيف نتجنب "الإرهاق الاتصالي" الذي يحوّل كل رسالة إلى ضجيج؟
ردود الفعل: ما المطلوب؟ الفهم، الشعور، التطبيق؟
بدون حوكمة، تتحول القنوات المتعددة إلى فوضى، والتكنولوجيا إلى عبء، والاستراتيجية إلى حبر على ورق.
من أين تبدأ؟
أي مؤسسة ترغب في أن يتحول التواصل الداخلي من نشاط روتيني إلى عنصر استراتيجي حقيقي، عليها أن تبدأ من السؤال الصحيح:
من هم الذين بالكاد تصلهم الرسالة؟
يجب التركيز عليهم. والتصميم من أجلهم. وقياس النجاح بمدى الوصول إليهم.
المقياس الحقيقي
النجاح لا يُقاس بعدد الرسائل المُرسلة، ولا بجمال التصميم، ولا حتى بمعدل الفتح. النجاح الحقيقي يُقاس بثلاثة أشياء فقط:
ما تغيّر في المعرفة: هل الموظف يعرف الآن ما يحتاج أن يعرفه؟
ما تغيّر في السلوك: هل تصرّف بناءً على الرسالة؟ هل غيّر طريقة عمله؟
ما تغيّر في الثقة: هل شعر بأنه جزء من الكل؟ هل شعر بأن صوته مسموع؟
إذا نجحت الجهة مع الموظف في هذه المقاييس الثلاثة، فهي نجحت في التواصل، وفي بناء ثقافة شاملة وبيئة عمل أقوى.




تعليقات